في ندوة أمس الأول بالمركز الثقافي الفرنسي حول "التاريخ الثقافي لهجرة المغاربة إلى فرنسا" قالت الباحثة نعيمة ياحي "الفرنسيون يتجاهلون دور شعوب المغرب العربي في تشكيل التاريخ الثقافي الفرنسي" حيث استعرضت صاحبة دكتوراه في هذا الموضوع الصعوبات التي عرفتها في فرنسا لما أرادت البحث في هذا المحور، مؤكدة أنها وجدت صعوبات بالغة في إقناع الجامعة بقبول الموضوع، لتبدأ رحلة أخرى في البحث عن المناقشين الذين يقبلون تناول الموضوع.
- وأرجعت المتحدثة الصعوبات هذه لكون أرشيف المهاجرين المغاربة في فرنسا بالعربية أو الأمازيغية، وهي اللغات التي لا يفهمها الفرنسيون وينظرون إليها من منطق الاستعلاء، لأنهم ينظرون دائما للمهاجرين المغاربة بكونهم مجموعة من العمال في المهن الحقيرة ولا ثقافة لهم، وهذا ما تقول الباحثة "إننا نسعى لتغييره"، ولهذا الغرض قامت بإنجاز معرض يتناول صورا من الأرشيف الذي جمعته من مختلف الهيئات والجمعيات والوزارات الفرنسية، ويتضمن مجموعة من الصور والتسجيلات النادرةوالكتابات المسرحية أيضا التي تبرز الوجه الآخر للمهاجرين المغاربة، وخاصة الجزائريين في فرنسا الذين كان لهم دور حضاري وحيوي في التأسيس للذاكرة والتراث "الفرانكو جزائري" كما أسمته نعيمة ياحي.
- وأكدت ذات المتحدثة أنها عثرت في تسجيلات نادرة لرشيد قسنطيني وأرشيف محيي الدين بشطارزي في باريس وكذا ما يزيد عن 6 آلاف أغنية تعود إلى سنة 1910 منها تسجيلات للكورال الأوراسي وأغاني عمرواي ميسوم، الجاموسي، ومحمد إقربوشن، وهو أرشيف قالت الباحثة إنه سيساعد كثيرا في البحوث الأنثربولوجية والثقافية في تناول العلاقات بين الجزائر وباريس في ظروف تتسم بالصعوبة، خاصة مع عودة الحدث والنقاش في باريس حول الهوية الفرنسية ودور المغاربة والمسلمين في النسيج الثقافي الفرنسي.
- كما عادت المتحدثة في معرض ردها على أسئلة الحضور إلى أن "الغربة" ميزة أساسية في الثقافة الجزائرية، خاصة لدى سكان منطقة القبائل، الذين كانت وجهتم فرنسا لظروف اقتصادية وتاريخية، لذا نجد أن الأرشيف الفني لسنوات الستينيات والسبعينيات غنية بهذا الإرث، وهي الهجرة التي أخذت شكلا آخر بالنسبة للنزيف الجماعي للفنانين والمثقفين في العشرية السوداء لنصل اليوم إلى "الحرڤة"، لكن تقول الباحثة إن الشباب والفنانين الذين غادروا الجزائر في الثمانينيات والتسعينيات كانت لهم فرصة أفضل في البروز والشهرة وفرض أنفسهم وإيجاد مكان لهم في النسيج الثقافي الفرنسي بتطور وسائل الإعلام والاتصال التي مكنت هؤلاء من قول كلمتهم عكس التهميش والطمس الذي عانى منه أجدادهم.