حققت الجزائر الحلم الصعب، وبلغت نهائيات كأس العالم 2010 التي ستقام في جنوب إفريقيا، بفوزها على المنتخب المصري بهدف مقابل لا شيء سجله اللاعب عنتر يحيى في الدقيقة 39 من الشوط الأول، في اللقاء الذي جمع المنتخبين في ملعب المريخ في مدينة أم درمان الأربعاء 18-11-2009.
وتم اختيار العاصمة السودانية الخرطوم لإقامة اللقاء الفاصل بين المنتخبين بعد أن أجرى الاتحاد الدولي لكرة القدم قرعة بين تونس التي اختارتها الجزائر والخرطوم التي اختارتها مصر.
وكان المنتخبين تعادلا في لقائي الذهاب والاياب بالنقاط والاهداف فتقرر اقامة لقاء فاصل بينهما لتحديد هوية المتأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا.
وهي المرة الثالثة التي تبلغ فيها الجزائر النهائيات بعد عامي 1982 في إسبانيا و1986 في المكسيك، في حين فشلت مصر في ذلك بعد مشاركتين عامي 1934 و1990 كلتاهما في ايطاليا.
وبات المنتخب الجزائري ممثل العرب الوحيد في النهائيات بعد فشل عرب آسيا في بلوغ النهائيات وكان آخرهم المنتخب البحريني بخسارته الملحق الاسيوي-الاوقياني أمام نيوزيلندا، وتونس التي سقطت في الجولة الاخيرة من التصفيات الافريقية امام موزمبيق.
وأكمل منتخب "ثعالب الصحراء" بالتالي عقد المنتخبات الافريقية ولحق بنيجيريا وغانا والكاميرون وساحل العاج وجنوب افريقيا الدولة المضيفة.
وكان المنتخبان تعادلا نقاطاً وأهدافاً وبفارق الاهداف ايضاً، فلعبا مباراة فاصلة اختار الاتحاد الدولي العاصمة السودانية الخرطوم مسرحاً لها.
وعاد الى صفوف المنتخب المصري قلب دفاع الصلب وائل جمعة بعد ان غاب عن المباراة الاولى بداعي الايقاف، في حين ارتأى مدربه حسن شحاتة اشراك المهاجم عماد متعب على حساب محمد زيدان بعد ان كان الاول المنقذ في مباراة السبت عندما سجل الهدف الثاني في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع ليفرض مباراة حاسمة.
في المقابل غاب الحارس الجزائري الاساسي لوناس قاواوي لوقفه، فحل مكانه فوزي شاوشي الذي كان بطل المباراة بلا منازع بعد ان تصدى لاكثر من محاولة خطر للفراعنة.
غلب الشد العصبي على مجريات المباراة فجاءت التمريرات غير دقيقة من جانب المنتخبين وإن كان الفريق المصري الاكثر استحواذاً على الكرة في مطلع المباراة.
وسنحت اول فرصة في المباراة للجزائر عبر رأسية لعبدالقادر الغزال بين يدي الحارس المصري عصام الحضري (3)، رد عليها المنتخب المصري بكرة رأسية من سيد معوض تعملق الحارس الجزائري الشاوشي في التصدي لها (5).
وكاد عنتر يحيى يطلق الرصاصة الاولى عندما انكشف المرمى امامه فأطلق كرة قوية ابعدها وائل جمعة في اللحظة الاخيرة (16).
ودخل المنتخب الجزائري اجواء المباراة تدريجياً وانبرى نادر بلحاج لركلة حرة مباشرة بالقرب من نقطة الركنية تصدى لها الحضري (29)، ورد أبوتريكة بكرة على الطاير مرت الى جانب القائم الايمن (30).
وفشل نادر بلحاج في تشتيت احدى الكرات البينية داخل المنطقة فانقض عليها احمد المحمدي وسددها خادعة لكن الحارس الجزائري تألق في التصدي لمحاولته (33).
ونجح المنتخب الجزائري في افتتاح التسجيل عندما وصلت الكرة داخل المنطقة فأطلقها عنتر من زاوية ضيقة لتعانق شباك الحارس عصام الحضري (40).
وأشرك مدرب مصر حسن شحاتة لاعبين في مطلع الشوط الثاني هما محمد زيدان وحسني عبدربه مكان عمرو زكي وأحمد فتحي على التوالي. ورمى منتخب الفراعنة بثقله في محاولة منه لإدراك التعادل وتلاعب زيدان بالدفاع الجزائر ومرر كرة داخل المنطقة باتجاه عماد متعب الذي تخلص ببراعة من مراقبه وأطلق كرة قوية تألق الحارس في ابعادها (62). وكرة رأسية اخرى لابوتريكة فوق العارضة (66).
وضغط المنتخب المصري من دون خطورة حقيقية في حين اعتمد المنتخب الجزائري على الهجمات المرتدة السريعة. ومرر احمد حسن كرة بينية باتجاه ابوتريكة الذي تأخر في التسديد لكن الكرة وصلت الى زميله متعب بيد ان الحارس الجزائري تدخل في اللحظة المناسبة لينقذ الموقف ثم تهيأت الكرة امام ابوتريكة مجددا لكن مجيد بوقرة تدخل مرة جديدة منقذاً الموقف (72).
ومرت الدقائق الاخيرة بسرعة ولم ينجح المنتخب المصري في التوغل عبر الاطراف بفضل الرقابة الدفاعية المحكمة للمنتخب الجزائري الذي نجح في قيادة المباراة الى بر الامان.
يذكر ان مدرب منتخب الجزائر رابح سعدان كان اشرف على منتخب بلاده ايضاً في مونديال 1986 في المكسيك.
الفرحة تعمّ الشارع الجزائري
عمت فرحة هستيرية شوارع العاصمة الجزائرية إثر اطلاق الحكم أدي ماييه صافرته معلناً نهاية المباراة.
"نعم، شكرا، شكرا، ايها الخضر!" صرخة اطلقها شبان جزائريون احتشدوا في شوارع العاصمة الجزائرية.
ونزل الشعب الجزائري كباراً وصغاراً إلى الشوارع مطلقي العنان لابواق سياراتهم التي زينت بالاعلام الوطنية وحناجرهم التي هتفت باسم الوطن.
ولم يتردد رجال الشرطة أيضا في اطلاق العنان لابواق سيارتهم قبل ان يستعيدوا هدوءهم.
"شكرا للخضر"، "وان، تو، ثري، تحيا الجزائر"، "نحن ذاهبون الى المونديال"، "الجميع في جنوب افريقيا" هي بعض العبارات التي اطلقها انصار المنتخب الجزائري وهم يحتفلون بشكل هستيري في وسط المدينة، في البيار وهيدرا وباب الود وفي القصبة وهي احياء شعبية جداً.
وقالت الشابة نعيمة (18 عاماً) وهي تضحك وتبكي في الوقت ذاته: "انه فعلاً امر مؤثر، لقد بذل افراد المنتخب الجزائري قصارى جهودهم واعطوا كل ما عندهم". واضافت "لا تستطيعون تصور مدى الضغط، منذ مساء السبت، عندما خسرنا في القاهرة، ابدينا مساندتنا المطلقة للمنتخب الجزائري، والان لقد تحقق الحلم، وبالتالي فإننا نحتفل الان".
وقال أحد سكان وسط المدينة "عندما سجل يحيى الهدف الاول، خرج كثيرون الى الشرفات ليعبروا عن فرحتهم".
مشاعر مختلطة بالوطنية والحسرة بالشارع المصري
وفي الشارع المصري اختلطت مشاعر المصريين بين المشاعر الوطنية ومرارة الهزيمة فلم تمنع مرارة الهزيمة التي تجرعها الجمهور المصري من الخروج الى الشوارع وميادين القاهرة هاتفين "تحيا مصر".
وعلى عكس ما كان متوقعاً في حال خسارة المنتخب المصري أن يصاب الشارع المصري بالاحباط ويلقى بالسباب واللعنات على المنتخب خرج الآلاف من المشجعين من المقاهي في مسيرات حاشدة جابت أنحاء الشوارع ووقفت الجموع في ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة يهتفون "تحيا مصر، والموت للجزائريين"، وتعطلت حركة المرور وأغلقت المحال أبوابها بعض الجماهير خرجت بالدفوف وقرعوا الطبول، والبعض الآخر أطلق الأعيرة النارية في الهواء، ومنهم من أشعل الصواريخ الفسفورية.
وفي شوارع منطقة المهندسين وهي المنطقة القريبة من حي بولاق الدكرور أكثر الأحياء الشعبية تعصباً للكرة المصرية هتف الآلاف منهم باللغة العامية ساخرين من "حسن شحاتة المدرب الفني للمنتخب المصري "ما تعيطش" أي لا تبك.
كما انتشرت سيارات الإسعاف في المناطق المزدحمة بعد خروج المشجعين من المقاهي ونقلت حالات عديدة لمشجعين أصيبوا بانهيار عصبي وإغماءات عقب إطلاق حكم المباراة صفارة النهاية، مؤكداً فوز المنتخب الجزائري وخروج مصر من حلم الصعود للمونديال.
أما البعض الآخر من الجماهير فانتقد أداء المنتخب المصري في الشوط الثاني، مؤكدين "أن المنتخب أخفق إخفاقات لم تكن متوقعة في العديد من الهجمات التي ضاعت منه".
لمشاهدة ملف صور عن ردة الفعل والاحتفالات عقب المباراة اضغط هنا